الاثنين، 8 فبراير 2016

خصائص تراكيب اللغة العربية

بسم الله الرحمن الرحيم
خصائص تراكيب اللغة العربية


د. عبد الله علي علي الثوري
رئيس قسم الدراسات الإسلامية و اللغة العربية بكلية التعليم المفتوح بجامعة العلوم والتكنولوجيا –اليمن2-2014م
ملخص البحث :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يدور البحث حول خصائص التراكيب اللغوية في اللغة العربية، فيبدأ البحث ببيان بعض النقاط البحثية الموجزة، والمرتبطة بموضوع البحث الرئيس؛ إذ تطرق البحث لبيان مفهوم اللغة و بيان مفهوم المستوى اللغوي، وعرف البحث بالمستويات اللغوية الأربعة التي هي المستوى الصوتي، والمستوى الصرفي، والمستوى النحوي أو التركيبي، والمستوى الدلالي، وذلك لعلاقتها بموضوع البحث حيث تأتي التراكيب اللغوية في المستوى التركيبي المتصل بما قبله وما بعده من مستويات اللغة، ثم توضيح ماهية التركيب اللغوي وخصائصه في اللغة العربية، وبعدها وضح البحث خمس عشرة خاصية تميزت بها التراكيب اللغوية في لغتنا العربية، كل خاصية مدلل عليها بالعديد من الشواهد الموضحة والمؤكدة، استخلصت من آراء العديد من علماء اللغة الأوائل والمحدثين, مقسمة بين الخصائص الدلالية والخصائص التركيبية .
إن اللغة العربية تحتاج إلى إبراز خصائصها ومميزاتها في جميع مستويات تكوينها الصوتية والصرفية والتركيبية والدلالية لندرك الماهية العامة لهذه اللغة المجتباة, التي اختارها الله تعالى لغة لكتابه الكريم المعجز، وتنزيل شرائعه الشاملة الكاملة فيه، ولعل هذا البحث يكشف العديد من خصائص تراكيبها، أو جملها من أجل التوصل إلى معرفة سر تميزها , وحسن استخدامها في الأغراض المختلفة في حياتنا, ثم ختم البحث بأهم النتائج التي تم التوصل إليها , والتوصيات التي نأمل أخذ المعنيين بها.
مقدمة :
الجملة في اللغة العربية، أو ما يسميه علماء اللغة في العصر الحديث بالتركيب اللغوي، هي محور الدراسات النحوية قديماً  وحديثاً، وتعد هي المحور الرئيس في الدراسات اللغوية الحديثة، وذلك لأن الهدف من اللغة هو تحقيق الحاجات الحياتية بمختلف أنواعها، وقد لا يتأتى ذلك إلا بالاستعمال التركيبي لألفاظ اللغة، حيث لا يمكن الاعتماد في التعامل اللغوي بين أفراد المجتمع على نطق أصوات مفردة، أو كلمات مفردة، وإن كان سيؤدي إلى جزء من التفاهم المصحوب بالمعاناة، غير أن استعمال المتكلمين للجملة في التفاهم والتعايش يعد هو الأساس الذي تبنى عليه العلاقة بين المتكلم والمخاطب, ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن المستوى التركيبي بالذات وعن التركيب اللغوي عموماً، وعن التركيب اللغوي في اللغة العربية، والذي لا شك أنه يمتلك الكثير من الخصائص التي تحتاج إلى دراسة وتأمل، مع استئناس واستشهاد واستيثاق من نتيجة تلك الدراسة وذلك التأمل, وإن اللغة العربية لا تأتي قوة تأثيرها بل وسحرها من فراغ, وإنما يأتي نتيجة امتلاكها لخصائص معينة سواء في أصواتها أو كلماتها أو تراكيبها أو نصوصها، وهذه الخصائص تظهر بشكل أوضح في تراكيبها التي نستعملها للتعبير عما يجول في النفس ويمر بالخاطر، ويحتاج المتكلم أو الكاتب أن يوصله إلى المخاطب .
لقد ظهرت دراسات عديدة، قديمة وحديثة، تبين خصائص اللغة العربية ومميزاتها، بصورة عامة وتوصلت بعضها إلى أن السر في بيانها وجلائها يكمن في تراكيبها وجملها التي تتوالد بلا تناه لتحسن التعبير عن كل ما يريد الحديث عنه هذا الإنسان، بدلالات متنوعة ومحققة للغاية التي ينشدها .
إنها التراكيب اللغوية في اللغة العربية وخصائصها التي تكمن فيها موضوع دراستنا في هذا البحث بإذن الله تعالى.
أهمية موضوع البحث وأسباب اختياره :
تأتي أهمية البحث من أهمية موضوعه المتعلق بالتراكيب اللغوية في اللغة العربية، وخصائصها التي تميزت بها، فالبحث يبرز خصائص هذه التراكيب التي بوساطتها يتمكن المتكلم أو الكاتب من التعبير عن حاجاته، ورغباته، ومشاعره وأفكاره، ويتعامل معها كأداة تتوالد منها تراكيب لا متناهية وفق قواعد محكمة ومتفق عليها عند علماء النحو قديماً وحديثاً وفي ضوء الأسس اللغوية عند علماء اللغة أيضاً في القديم والحديث، وبإبراز هذه الخصائص لهذه التراكيب يحسن التصور للغة التي تمثل التراكيب اللغوية الصورة المثلى لها إذا ما نظرنا إليها على حدة .
كما أن هذا البحث يفتح الباب أمام المزيد من الاجتهاد والإضاءة للعديد من الخصائص  اللغوية لتراكيب اللغة العربية، والتي لا شك أنها لم تضمن كاملة في هذا البحث، فمهما بلغ جهد الباحث فهو في النهاية جهد بشري معرض للتقصير وعدم الكمال, غير أننا حاولنا إبراز أهم هذه الخصائص من الناحية الدلالية وكذلك التركيبية.
أهداف البحث :
1-    التعريف باللغة ومستوياتها .
2-    بيان مفهوم التركيب وأسس تكوينه .
3-    إثبات العديد من خصائص تراكيب اللغة العربية من الناحية الدلالية .
4-    إثبات العديد من خصائص تراكيب اللغة العربية من الناحية التركيبية .
5-    إبراز نتائج البحث العلمية المتعلقة بموضوع البحث .
6-    تقديم التوصيات والمقترحات في ضوء النتائج التي توصل إليها البحث .
المنهج المستخدم في البحث :
استخدم في هذا البحث المنهج الوصفي الاستنتاجي من خلال وصف الظاهرة المراد التوصل إليها والتنقيب في المراجع اللغوية والنحوية القديمة والحديثة، واستخراج ما يثبت ويدعم كل نقطة بحثية في ثناياه للوصول إلى النتائج العلمية المحققة والتي يبنى عليها النظر إلى تراكيب اللغة العربية، متبوعاً بالمقترحات والتوصيات في هذا الإطار .

تقسم البحث :
يتكون البحث من الموضوعات الآتية:
المقدمة .
المبحث الأول : اللغة ومستوياتها في اللغة العربية ويتكون من المطالب الآتية :
المطلب الأول : مفهوم اللغة .
المطلب الثاني : مستويات اللغة .
المبحث الثاني : التركيب اللغوي وأسس تكوينه في اللغة العربية وينقسم إلى مطلبين :
المطلب الأول : مفهوم التركيب اللغوي .
المطلب الثاني : أسس تكوينه .
المبحث الثالث : خصائص تراكيب اللغة العربية وينقسم إلى مطلبين :
المطلب الأول : الخصائص التركيبية .
المطلب الثاني : الخصائص الدلالية .
الخاتمة : وفيها النتائج والتوصيات .
قائمة المصادر والمراجع.

المبحث الأول : اللغة ومكوناتها
المطلب الأول:  مفهوم اللغة.
أ-عند القدامى:
إن مفهوم اللغة إذا أردنا تحديده فإنه يتعلق بما يحتاجه الناس للتفاهم فيما بينهم، ويمكننا أن نقف في إطار ذلك عند عدد من التعريفات الموضحة لمعنى اللغة سواء عند علماء اللغة الأوائل أمثال أبي الفتح – عثمان ابن جني، أو عند الجرجاني في التعريفات، أو غيرهما عند علماء العربية اللذين جاءوا بعدهما، ونبين ذلك كما يلي :
يقول أبو الفتح عثمان ابن جني : "اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم "([1])
عند التأمل في هذا التعريف للغة نجد أنه نظر إلى اللغة نظرة شاملة في تكوينها، فذكر (أنها أصوات)، وهذا يعني أنها في مستواها الأولي تتكون من الأصوات المنطوقة، وهي الوحدة البنائية الأولى في تكوين اللغة، غير أن هذه الأصوات انتظمت لتكون كلمات، ثم انتظمت لتصبح تراكيب ذات تنسيق سليم مناسب يستطيع من خلاله المتكلم أن يعبر عن رغبته وحاجته؛ إذ إن اللغة هي أداة حياتية يعبر بها الفرد عن حاجاته وما يجول في نفسه وذهنه .
أما قوله: كل قوم عن أغراضهم، فيعني أن اللغة يراد بها لسان القوم الذين هم الناطقون أو المتكلمون بها، والقوم هم الذين يتكلمون هذه  اللغة، فالعرب لغتهم العربية، والإنجليز لغتهم الإنجليزية، والألمان لغتهم الألمانية وهكذا.
"والتحديد بالأغراض يعني المقاصد التي تضبط عملية التكلم أو الحديث, بحيث لا تصبح لغة عشوائية أو أصوات فوضوية لا معنى لها، وهذا يعني أن اللغة هي الأصوات المنتظمة التي يستخدمها الإنسان وفق نظام تركيبي معين ليتفاهم بها في حياته مع القوم الذين يفهمون هذه المنطوقات التي تنتج عنه, وإلا فإن الألفاظ أو الأصوات إذا لم يفهما إلا المتكلم فلا تسمى لغة، وهذا يؤكد أن اللغة  لها دور اجتماعي بالإضافة إلى دورها الفكري"([2]).
وبذلك يمكن القول بأن تعريف ابن جني -رحمه الله- فيه تضمين حقيقي لأهم معالم  اللغة، ولعل معظم التعريفات القديمة والحديثة تدور حوله .
أما الجرجاني في التعريفات فيعرف اللغة بأنها: اللغة هي ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم.[3]
وهو تعريف يتطابق إلى حد كبير مع تعريف أبي الفتح ابن جني , وربما هو منقول عنه لأن القاضي الجرجاني متأخر عن ابن جني, غير أنه أغفل وصف اللغة بأنها (أصوات), وهذا يعني، أنها عند الجرجاني أشمل من أن تكون أصوات تستخدم لتعبير الأقوام أو المجتمعات عن أغراضهم, فيدخل في اللغة كل ما يؤدي إلى التعبير عن الغرض, كالإشارة والرموز المكتوبة من غير الأحرف المعروفة في اللغة, كما يدخل في ذلك أيضًا الحال المشاهدة للشخص التي تحكي سروره أو حزنه أو حماسه أو غير ذلك من أحواله .
إذا فاللغة يتحدد معناها بدقة عند ابن جني, ويوحي بنظامها وعلاقتها بالحياة الاجتماعية بين الأقوام, كما أنها تتسع في دلالتها أكثر عند الجرجاني في التعريفات؛ لأنه جمع تعريفه من عدد من التعريفات للغة التي وردت عند العديد من علماء اللغة, والذي يعد ابن جني واحدا منهم.
ب-  عند المحدثين :
يمكن تلخيص تعريف اللغة عند عدد من العلماء المحدثين كما ذكرها الدكتور محمد علي الخولي ملخصة فيما يأتي :
1.     اللغة نظام اتصال بين طرفين .
2.     اللغة نظام لتبادل المشاعر والأفكار بين الناس.
3.     اللغة وسيلة للتعبير عن الحاجات والآراء والحقائق بين الناس .
4.     اللغة نظام اعتباطي لرموز صوتية تستخدم لتبادل الأفكار والمشاعر بين أعضاء جماعة لغوية متجانسة([4]).
ولعل هذه التعريفات تعد ملخص ما جمع من تعريفات اللغويين المحدثين للغة.
ومن خلال التأمل الدقيق في التعريفات السابقة يمكن التوصل إلى الآتي :
-         اللغة نظام: وذلك يعني أن التزامن اللفظي أو الصوتي على غير نظام لا يسمى لغة .
-         أن طرفين لا بد من توافرهما عند استعمال اللغة؛ لأنه لا لغة من طرف المتكلم وحده.
-         أن اللغة وسيلة للتعبير عن المقاصد والحاجات، وهذا يعني أن أية لغة لا تعد لغة إذا كانت مكوناتها من ألفاظ عشوائية أو تراكيب أيضا عشوائية.
-         اللغة هي الباعث الوحيد للمشاعر والأفكار، وآلة التصوير المناسبة لما يجول في النفوس .
-         أن القوم أو المجتمع هو الميدان أو المجال الذي تستخدم فيه اللغة حيث تمثل الرابط الرئيس بين أفراد القوم أو المجتمع .المطلب الثاني: مستويات اللغة.
مفهوم المستوى اللغوي:
هو المرحلة التي تحدد فيها معالم واضحة لبناء اللغة أياً كانت هذه اللغة . وتتكون مستوياتها غالباً من أربعة مستويات وهي: المستوى الصوتي، والمستوى الصرفي, والمستوى التركيبي، والمستوى الدلالي .
أما المستوى الصوتي, فهو الذي تدرس فيه أصوات اللغة من حيث تكونها ومخارجها وصفاتها ومناسبتها لألقابها ومناسبة تجاورها, والمألوف منها وغير المألوف, وغير ذلك مما يتعلق بها وهذه الأصوات يسميها اللغويون في اللغة العربية الحروف مثل ع، ح،،غ، خ، ب،ت، وفي الإنجليزيةA, B,C,D ... إلخ، وهكذا.
فدراسة هذه الأصوات تعد دراسة للمستوى الأساسي وهو المستوى الصوتي، ثم تستخدم هذه الأصوات بترتيب منظم على حسب حاجة المتكلم أو الكاتب ليرسمها في كلمات وينطقها متنوعة متصرفة  باشتقاقات كثيرة، ويسمى هذا المستوى المعني ببناء الكلمات المستوى الصرفي, وتسمى الدراسات التي تجري على اللغة في هذا المستوى الدراسات الصرفية أو علم الصرف الذي تستخدم فيه قواعد عديدة لتضبط عملية التصريف حسب الحاجة إليها عند النطق أو الكتابة، وعند تجاوز دراسة بنية الكلمة إلى تكوين الجملة من هذه الكلمات, نستخدم القواعد النحوية أو الضوابط التركيبية لنبني جملاً سليمة التركيب وسليمة المعنى, وحسب الحاجة لدى المتكلم أو الكاتب، وتسمى الدراسات اللغوية في هذا المستوى دراسات تركيبية، ويسمى هذا المستوى الأعلى بالمستوى التركيبي, والبعض يسميه المستوى النحوي أو المستوى الجملي، ولا شك أنه لا قيمة لهذه التراكيب أو الجمل إذا لم تكن مركبة وفق ضوابط دلالية تجعل منها جملاً ذات معنى، وبوساطتها يتم التعبير عما في النفس أو الذهن، وهذه الدلالات تتنوع حسب طلب المخاطب، أو حاجة المتكلم، وتسمي الدراسات اللغوية في هذا المستوى بالدراسات الدلالية أو علم الدلالة أو علم المعاني, وهكذا تترابط المستويات اللغوية في اللغة العربية أو غيرها وفق هذا النظام الذي يبدأ بالمستوى الصوتي، ثم الصرفي ثم التركيبي ثم الدلالي؛ إذ لا يقوم مستوى إلا بالآخر الذي قبله.
المستويات اللغوية في اللغة العربية :
عند تأمل اللغة كنسق متكامل نجد أنها تتكون من المستويات الآتية:
1-المستوى الصوتي:
ويتكون من الأصوات أو ما نسميه الحروف المنطوقة، وهي أصغر وحدة بنائية في اللغة، مثل:  بَ، تَ، سَ، طَ وهكذا، ويسمى التكوين الصوتي.
والمستوى الصوتي هو الميدان الذي يبحث فيه علم الأصوات .
ومن الأصوات تتكون المقاطع الصوتية، ومن المقاطع الصوتية تتكون (المورفيمات)، وهي جزء من الكلمة التي تدل على معنى متصل بالكلمة فمثلاً (أل) للتعريف، تعد (مورفيما) يدل على التعريف، ويتكون من مقطع واحد هو (أل)، وهو مرتبط بجزء الكلمة (معلم)، فـ(أل) مقطع ومورفيم، و(معلم ) (جزء) من كلمة، تتكون من ثلاثة مقاطع :
(معلم) و(ون) مورفيم مكون من مقطع واحد يدل على الجمع .
كل ذلك يكون كلمة متكاملة هي ( المعلمون ) ذات (مورفيمات) ثلاثة ( أل + معلم+ ون ).[5]
2- المستوى الصرفي :
يتكون المستوى الصرفي من الأصوات التي تتجمع فتتكون منها الوحدات الصرفية، والوحدة الصرفية هي أصغر وحدة لغوية ذات معنى، مثل: (أل) لمعنى التعريف، ونسمي الوحدة الصرفية أيضاً (مورفيمات)، فإذا ضربنا مثلاً كلمة (كتاب) فهي تعد وحدة صرفية واحدة، فإذا أدخلنا عليها (مورفيما) في البداية مثل (أل) أضفنا إليها التعريف فتصبح (الكتاب)، وإذا أضفنا (مورفيما) في النهاية مثل الضمير (الهاء) فنقول ( كتابه) وهكذا .[6]
وهكذا يتم التصريف عبر الإضافة، أو الحذف، أو القلب المكاني مثل كتب، كبت، تكب، بكت ... إلخ.
ومحور الدراسة اللغوية في المستوى الصرفي هو الكلمة أو اللفظ .
3-  المستوى التركيبي:
عندما تتوالي الألفاظ أو الكلمات أو البني اللفظية في تنسيق كلامي معين، فإنه يكون الجملة مثل: كتب أحمد الدرس, أو مثل: محمد كتب الدرس, ويكون ذلك بضوابط معينة, هي الضوابط النحوي والدلالية أيضا.
"وإن محور الدراسة في المستوى التركيبي هو الجملة أو التركيب اللغوي"([7])
فإذا كانت الكلمة أو البنية هي محور الدراسة الصرفية فإن محور الدراسة في المستوى التركيبي هي الجملة وإن الضابط الأساسي في تكوين التراكيب لتكون ذات دلالة صحيحة وتركيب سليم هو التركيب النحوي للجملة القائم على القواعد النحوية التي تضبط تركيب الكلمات في الجملة تركيباً يضمن التوالي المناسب لمفردات أو ألفاظ الجملة , ويضمن الحركات التي تأتي أواخر الكلمات التي هي الأصوات الصغيرة في آخر الكلمات والتي نطلق عليها (الحركات الإعرابية) أي علامات الإعراب، ولذلك يسمي علماء اللغة المستوى التركيبي بالمستوى النحوي.

4- المستوى الدلالي:
وهو الغاية من تركيب الألفاظ في جمل منتظمة, فإذا لم تكن للتراكيب أو الجمل دلالات فإنها لا تعني شيئاً في اللغة, وبذلك ندرك أن دلالة هذه الألفاظ أو التراكيب أو الفقرات أو النصوص هي موضوع الدراسة اللغوية في المستوى الدلالي .
(والمستوى الدلالي يدرس تفاضل الدلالة أو المعنى للفظ أو الجملة أو النص, وقد اهتم به علماء اللغة العربية قديماً وحديثاً وهو ما يطلق عليه (علم المعاني) أو (علم الدلالة) وفيه يجد الدارس للغة مدى قابلية أية لغة على القدرة التقييمية للمعاني التي تجول في النفس)([8]) فيعبر عنها المتكلم أو الكاتب بالألفاظ والتراكيب التي تغطي الصورة الذهنية المناسبة لتلك المعاني .
وقد بدأت دراسة اللغة في المستوى الدلالي بدراسة دلالة الألفاظ ومشتقاتها المتنوعة والمتمثلة في المعاجم اللغوية التي تبين معاني الألفاظ والتي توسع فيها مؤلفوها وجامعو ألفاظها من علماء اللغة العربية الأوائل، وتوسعوا في جمع معاني كل لفظ حتى بلغت عشرات المعاني التي استخدمها العرب أو رصدوها، وتنوع مؤلفوها في ترتيب موادها فمنهم من رتب هذه المادة أي (الألفاظ) ترتيبًا صوتياً كالخليل بن أحمد الفراهيدي في معجمه العين حيث رتب ألفاظ معجمه بدءاً بالكلمات المبدوءة بالعين ثم الهاء وهكذا, والبعض رتب المادة الموجودة في معجمه ترتيباً هجائياً، والبعض رتبها ترتيبا ألف بائي مع مراعاة الحرف الثاني والثالث وهكذا، وأصبحت المعاجم المكتوبة سواء في العربية أو غير العربية القديمة أو الحديثة من ضمن ميادين الدراسات الدلالية المعنية بالألفاظ أو ىالكلمات .
أما دراسة الدلالة في بيان تفاضل بعض المعاني على بعض فقد اهتم بها في اللغة العربية فرع من فروع علم البلاغة، وهو علم المعاني، والذي يعني إيراد المعنى بأكثر من طريقة, والطريقة نقصد بها طريقة التركيب للجملة أو النص عموماً وفق أصول وقواعد بلاغية تحدد ذلك.
"وفي هذا المستوى اللغوي ندرس اللغة وفق تصنيف دلالة ألفاظها أو تقسيمها إلى حقول دلالية، ونعني بالحقول الدلالية أن كل مجموعة من الألفاظ التي تدل على أشياء أو معان متشابهة تشكل حقلاً دلالياً .
مثلاً الكلمات : قرطاس، كتاب، مجلة، صحيفة،... الخ.
تنتمي إلى حقل يجمعها بين حقل المطبوعات .
والكلمات : سفينة، باخرة، زورق، قارب، تنتمي إلى حقل الجاريات البحرية وهكذا.
ومما تدرس اللغة في هذا المستوى ربط اللغة بالفكر الذي هو مصدر الدلالة أو المعنى، كما ندرس في المستوى الدلالي الترادف للألفاظ وعلاقة الألفاظ بعضها ببعض وفق دلالتها، وعلاقة الجمل بعضها ببعض وفق دلالتها، وعلاقة الجمل بعضها ببعض وفق دلالتها، ودلالة النص عموماً"([9]).
وندرس في هذا المستوى أيضاً التضاد في الألفاظ ودلالتها، والاشتمال الذي يعني أن كلمة تشمل معنى كلمة أخرى أو كلمات أخر، وندرس المعنى الأساسي للألفاظ والمعنى المجازي، والألفاظ الخاصة بالشرائح المجتمعية كالأطباء، والمعلمين، وغيرها .
وندرس فيه الاشتراك اللفظي، والكتابي، وتوسيع المعنى وتصنيفه، والمعنى المجرد والمعنى التحليلي، وكل ذلك وغيره يدرس في هذا المستوى حتى كأن المستوى الدلالي يعد هو أوسع المستويات اللغوية من حيث اشتماله على الموضوعات الكثيرة والمرتبطة بالدلالة في اللغة العربية.
المبحث الثاني: التركيب اللغوي وأسس تكوينه.
المطلب الأول: مفهوم التركيب اللغوي :
نعني بالتركيب اللغوي الجملة التي تتركب من عدد من البني اللفظية التي هي  مكونات التركيب أو الجملة، وهذه البني اللفظية هي المتكونة من نظام من الأصوات متتال وفق قواعد علم الصرف .
وبصورة أوضح فإن التركيب يعني : الجملة المركبة من عدد من الألفاظ وفق نسق معين, ويلزم أن يؤدي هذا التركيب معنى مفيدا أو مقصوداً، وفي اللغة العربية نسميه الجملة، التي تنقسم إلى جملة اسمية وجملة فعلية، ولها استخدامات عديدة حسب القصد المراد منها مثل الجملة الابتدائية، والجملة الإخبارية، والجملة البسيطة، والجملة المركبة، وجملة الحال، وجملة الصلة، وغيرها.
والتركيب اللغوي لا يستقيم أمره إلا وفق قواعد وأسس خاصة, هي التي نطلق عليها القواعد النحوية ,التي تضبط تكوين الجملة في اللغة العربية وغيرها من اللغات ,وسوف نبين خصائص التركيب اللغوي عند عرضنا في هذا البحث لخصائص التراكيب اللغوية في اللغة العربية.
وإذا كان تعريف اللغة يوضح :"أنها نظام من العلامات المتواضع عليها اتفاقا تتسم بقبولها للتجزئة, وينفذها الفرد وسيلة للتعبير عن أغراضه"([10])، فإن التركيب اللغوي هو الصورة المجسدة للغة حيث أن الفرد أو المتكلم لا يعبر عن حاجاته بكلمات متفرقة بل بتراكيب لغوية وجمل متعاقبة مترابطة ترابطاً منطقياً متسقة في ألفاظها ودلالتها .
إذاً فالتركيب اللغوي هو ما نعني به المستوى التركيبي في اللغة, وهو اللغة في وضعها المتكامل المنسق في بناء أصواتها وألفاظها .
ويعد التركيب اللغوي من أعلى مستويات التكوين اللغوي، ومن أهم مستويات التحليل  في اللسانية الحديثة.وفي التركيب اللغوي ندرس العلاقات التركيبية داخل الجمل لتصبح هذه الجمل ذات دلالة واضحة.
المطلب الثاني : أسس تكوين التركيب اللغوي في اللغة العربية.
التراكيب اللغوية بالمفهوم السابق لا يأتي تكوينها بصور اعتباطية؛ إذ لابد في ذلك من أسس وقواعد يعتمد عليها في تكوينها, تتمثل في اختيار الألفاظ التي تعبر عن هذه الحاجة بحيث تركب في جملة ذات دلالة واضحة معبرة عن ما هو مكتن في النفس، بشرط وضوحها بالنسبة للمخاطب، وفي لغتنا العربية يتفاوت التركيب الجملي في الوضوح حسب حالة المخاطب، في الفهم والتقبل " فينبغي على صاحب الخبر (المتكلم ) أن يأخذ في اعتباره حالة المخاطب عند إلغاء الخبر، وذلك بأن ينقله إليه في صورة من الكلام تلائم هذه الحالة بغير زيادة أو نقصان، والمخاطب بالنسبة لحكم الخبر (أي مضمونه)، له ثلاث حالات هي :
1-    أن يكون المخاطب خالي الذهن من الحكم، وفي هذه الحالة يلقي إليه الخبر خالياً من أدوات التوكيد، ويسمى هذا الضرب  من الخبر ( ابتدائيا ) .
2-    أن يكون المخاطب متردداً في الحكم شاكاً فيه، وينبغي الوصول إلى اليقين في معرفته، وفي هذه الحال يحسن توكيده له ليتمكن من نفسه، ويحل فيها محل الشك، ويسمى هذا الضرب من الخبر (طلبياً) .
3-    أن يكون المخاطب منكراً لحكم الخبر، وفي هذا الحال يجب أن يؤكد له الخبر بمؤكد أو أكثر، على حسب درجة إنكاره من جهة القوة والضعف، ويسمى هذا الخبر (إنكارياً ) "([11]).
فقبل التكوين للتركيب اللغوي، علينا مراعاة الدلالة حسب حال المخاطب الذي هو معني بالكلام أو الخبر كما يسميه علماء البلاغة .
ثم يراعي أيضاً القواعد التركيبية في تكوين التركيب أو الجملة بحيث يستقيم  بناؤه في ضوء ما وصفه علماء النحو من أسس لتكوين الجملة بنوعيها الاسمية والفعلية فمثلاً يقول الشاعر :
سبقنا إلى الدنيا فلو عاش أهلها
                    منعنا بها من جيئةٍ وذهاب([12])
فإذا قلنا: ( إلى عاش الدنيا فلو أهلها ) وغيرنا في مواقع ألفاظ هذا الشطر من البيت الشعري، وبهذه الطريقة لم يستقم  المعنى، واحتاج هذا التركيب للضغط القواعدي النحوي، وكذلك التصور البلاغي السليم لدى المتكلم، حتى يؤدي المعنى الذي في النفس، كما أراد هنا الشاعر المتنبي في بيته الشعري المذكور .
بالإضافة إلى اشتراط سلامة التكوين القواعدي للتركيب اللغوي في اللغة العربية لا بد أن يستقيم معه المعنى المعقول والمتقبل لدى المخاطب .
فلا يكفى التركيب أن يكون سليماً من الناحية النحوية أو الضبط القاعدي، بل يلزمه أن يصبح في المعنى كذلك، فالتركيب القائل : ( شربت البحر ) هو من الناحية القاعدية سليم؛ إذ يتكون من فعل وفاعل، ومفعول، وسليم من الناحية الترتيبية، حيث تقدم الفعل ثم الفاعل ثم المفعول وفق الترتيب المتفق عليه عند جمهور النحاة .
غير أن المعنى مستحيل، وهو ما يسميه ابن هشام رحمه الله في المغني (بالكلام المستقيم المستحيل)، فهو مستحيل من حيث الدلالة، مستقيم من حيث النحو، غير أن التركيب في العربية إذا التبس فيه المعنى على السامع أو القارئ فليزم تأويله وفق المعقول من القواعد النحوية, وقد أكد على ذلك ابن هشام أيضاً بقوله :" كذلك في (علم أقصد عمرو)، وذلك لا بد من تقديره وفقاً للتناقض؛ إذ ظهور الشيء والعلم به منافيان للاستفهام المقتضى للجهل به، فإن قلت ليس هذا مما تصح فيه الإضافة إلى الجهل، قلت قد مضى عن قريب أن الجملة التي براد بها اللفظ يحكم لها بحكم المفردات "([13] ).
وهو بذلك يرفض التناقض في معنى الجملة، ويحل الإشكال في تقدير بعض الألفاظ فيها ليستقيم المعنى المراد منها، فإذا أصبحت كذلك فيتم التأويل على ضوء مفرداتها، فيستنتج المعنى من خلال المفردات الموجودة في التركيب الجملي .
وعليه يتضح لنا أن التركيب اللغوي في اللغة العربية يتكون وفق الأسس الآتية :
1-    الحاجة المراد من التركيب أن يعبر عنها حتى يتم تكوينه على أساسها .
2-    صحة الألفاظ الموجودة في التركيب اللغوي .
3-    صحة التركيب من حيث القواعد النحوية .
4-    صحة التركيب من حيث القواعد الدلالية .
5-    مناسبة التركيب للمخاطب حتى يؤدي الهدف من تكوينه .
6-    إذا وجد في التركيب لبس في فهم دلالته فإن علينا تقدير بعض الألفاظ فيه حتى يستقيم المعنى والنحو معاً .
7-    إذا صعب التقدير، فإن علينا استنتاج الدلالة في ضوء دلالة الألفاظ المفردة المتكون منها ويكون ذلك في أضيق الأحوال .
8-    أما ما يتعلق بتكوين التركيب من حيث الإيجاز أو الطول فإن ذلك يرجع إلى ما يسميه علماء اللغة (بالقدرة ) وهي الإمكانات الكامنة لدى متكلم أو كاتب اللغة من استخدام الألفاظ وتكوين تراكيب لغوية منها , بداية بالتكوين الصوتي، ثم الصرفي، ثم الجملي أو النحوي، ثم الدلالي (فالأصوات تتجمع وفقاً لنظام صوتي محدد في اللغة، والمقاطع تتجمع وفقاً لنظام مقطعي محدد، وكذلك الحال في المورفيمات تتجمع وفقاً لنظام صرفي محدد، ثم الكلمات تتجمع وفقاً لنظام نحوي محدد ([14]) والجمل تؤدي دلالات واضحة محددة .
وتلك تعد أهم أسس تكوين التركيب اللغوي في أية لغة لاسيما في لغتنا العربية .

المبحث الثالث :خصائص تراكيب اللغة العربية.
المطلب الأول :الخصائص الدلالية:
1-ذات دلالة واضحة :
إن أهم خاصية تلتزم بها التراكيب اللغوية العربية هي خاصية الوضوح في دلالتها إذ لا قيمة لتركيب لغوي لا يؤدي دلالة بينة يفهما المخاطب إذا كانت إلقاءً ويفهمها القارئ إذا كانت مكتوبة، ولقد جاء في تعريف الكلام عند علماء النحو  بأنه: اللفظ المركب المفيد فائدة بحسن السكوت عليها([15])كما جاء في تعريفه أيضاً الكلام  بأنه :قول يتركب من كلمتين أو أكثر ويفيد معنى ([16])وذلك يعني أنه لا قيمة للتركيب اللفظي في اللغة العربية إلا إذا أفاد معنى، ولا يفيد المعنى إلا إذا كان واضحاً عند من يقرأ أو يسمع  تلك التراكيب اللغوية العربية ,ونعني بالوضوح هنا أن يكون واضحاً للمخاطب، إذ أن بعض التراكيب لا يفهمها إلا ذوي الاختصاص في المجال الذي تتحدث عنه هذه التراكيب، فإذا قلت (جاء البحر) وهو تركيب فيه كناية (بالبحر) عن أحد الناس حيث شبهته بالبحر لسعة علمه فلا يفهمها الإنسان العامي، بل قد يفهم منها فقط المعنى الظاهري، بأن البحر جاء يمشي، وهذا بالنسبة له ضرب من المستحيل، مع أن هناك تراكيب صحيحة في التركيب لكنها غير مستحيلة في الدلالة وقد أشار إلى ذلك سيبويه رحمه الله حيث بين أن "بعض التراكيب اللغوية تكون صحيحة في التركيب القاعدي غير أنها مستحيلة في الحدوث كأن أقول : أني أملك النجوم، وأمشي في الهواء .
وهي في تركيبها القاعدي سليمة، غير أنها في المعنى والدلالة الواقعية مستحيلة، وهي التي نسميها ( الجملة الصحيحة المستحيلة ) "
إذاً فالتركيب اللغوي في اللغة العربية، والذي يسميه النحويون الجملة لا يعد تركيباً أو جملة أو كلاماً إلا إذا كانت له دلالة واضحة مفهومة.
2-ذات دلالة مستقلة مع ارتباط بدلالة النص:
التركيب اللغوي في اللغة العربية سواء كان اسمياً أم فعلياً له دلالة مستقلة تفيد المخاطب معنىً معينا، وهذه الخاصية لا تخرجها عن دلالتها المرتبطة بالنص عموماً، أو بالتراكيب اللغوية التي قبلها أو بعدها في النص فإذا قلنا مثلاً : دخل محمد الفصل , وهو تركيب فعلي يدل على معنى مستقل حيث يفيد الإخبار عن دخول محمد الفصل ,وهذه الفائدة الخبرية لا شك أنها جاءت من خلال المعنى المراد من قبل المتكلم، الذي يريد إخبار المخاطب بهذه الفائدة ,وواضح من الجملة السابقة أن دلالتها غير مرتبطة بما قبلها أو بما بعدها من التراكيب ولا يشترط أن يكون قبلها تركيب أو بعدها تركيب، إذ أنها تؤدي معنىً يتصف بالاستقلالية مع أنه لا يمنع وجودها في إطار تركيب نص متكامل كأن نقول وأنت تحكي عن محمد : رأيت محمدا منتظراً لمجيء المعلم، واستفاد من ذلك الوقت بمراجعة دروسه السابقة، ولما حضر المعلم دخل محمد الفصل .
فهذه الجملة جعلتها مرتبطة بالجمل التي قبلها، فلا ضير في أن تأتي مستقلة الدلالة أو مرتبطة بغيرها من التراكيب غير أننا نذكرها هنا كميزة وخاصية للتراكيب اللغوية العربية.
ويؤكد على الدلالة المستقلة للتركيب اللغوي، مع عدم تنافي قيام الجملة أو التركيب في سياق النص ما جاء في تعريف الكلام :( إنه توخي معاني النحو)([17])
وتوخي معاني النحو يأتي في سياق بيانه للتركيب الكلامي المفيد الجامع بين الضبط القواعدي، والدلالة المفيدة من خلال التركيب مع وجود استقلالية للجملة أو التركيب قد تكون جزئية في إطار السياق، وقد تكون كلية في إطار المعنى الخاص بالجملة, و عبد القاهر الجرجاني يؤكد على فائدة المعنى للجملة العربية ,استقلالاً وسياقاً من خلال حديثه عن سر إعجاز القرآن الكريم؛ إذ يرى أن العرب ( أعجزتهم مزايا ظهرت في نظمه وخصائص صادقوها في سياق لفظه، وبدائع راعتهم من مبادئ آيه ومقاطعها ومجاري ألفاظها  ومواقعها، وفي مضرب كل مثل، وسياق كل خبر، وصورة كل عظة وعبرة) . [18]
فسياق اللفظ يريد به موقع اللفظ في المقطع التركيبي القرآني ومبادئ ومقاطع الآيات ومجاري ألفاظها ومواقعها إشارة إلى المعنى الجملي للآية أو التركيب القرآني، والذي لا شك أن له مع استقلالية معناه الإجمالي له ارتباط بالمعنى العام للمقطع القرآني المتكون من عدد من التراكيب اللغوية القرآنية وهذا يعني أن فهم التركيب من خلال سياق النص له معناه الكلي المفهوم من خلاله، وقد كان العلماء العرب على وعي كامل بمفهوم السياق وقد قدموا أفكارا وممارسات سياقية متميزة أكثرها البحث اللغوي وأثبت جدواها في التحليل والتفسير([19])
3-  تقبل الحذف مع الاحتفاظ بالدلالة الأصلية لها:
إذا ما تأملنا في الجملة العربية فإننا ننتجها كمتكلمين أحياناً موجزة وأحياناً فيها متعلقات عديدة فتكون مطولة .
فإذا قلنا : إن محمد أحرز نجاحاً باهراً . فهو تركيب يتكون من خمس كلمات، وجاء هذا التركيب على حسب الحاجة التي يريدها المتكلم وهي بيان طبيعة نجاح محمد، وهذا التركيب أو هذه الجملة، إذا ما أردنا الحذف منها سيكون ذلك كالآتي :
الجملة كما وردت سابقا ً: إن محمداً أحرز نجاحاً باهراً .
الجملة بعد الحذف منها محمد أحرز نجاحا ًباهراً، والجملة بعد الحذف أيضاً : محمد أحرز نجاحاً، والجملة بعد الحذف كذلك : محمدٌ نجح .
وهذه الخاصية مرتبطة بدلالة الخبر في الجملة الذي جاء حسب طبيعة المخاطب، كما يقول البلاغيون، الذين استفادوا من قواعد الحذف في الجملة العربية، وجعلوا لكل تركيب في الجملة دلالة المعني بها بعد الحذف .
وعند النظر في الجمل السابقة نجد أنها تجتمع كلها في الخبر بنجاح محمد، وأن الدلالة الجامعة بينها هي دلالة الإخبار بهذا النجاح، غير أن الفارق في بعضها هو في قوة هذه الدلالة أو ضعفها، ففي الجملة الأولى لا شك أن دخول (إن ) على الجملة الاسمية جعل دلالتها أقوى، ووجود الوصف لنجاح محمد جعل دلالتها أكبر تأكيداً، وهكذا نرى أن كل زيادة في المبنى التركيبي أضاف تأكيدا ًوزيادة  في المعنى، غير أن المعنى الأساس مشترك بينهما، ولا نأتي بهذا التأكيد إلا إذا رأينا حال المخاطب يحتاج إليه، وبذلك يصبح الحذف غير مخل بالمعنى الأساسي للتركيب، وهو مع تكراره في هذا التركيب احتفظ بالمعنى الأصل للجملة أو التركيب، ولأن اللغة أصلها تواضع واصطلاح فإن الاتفاق بين متكلمي العربية أن الفائدة من التركيب هي الدلالة أو الخبر، وخصوصا ًفي الجملة الخبرية التي جاء في تعريفها بأنها التي تحتمل الصدق أو الكذب، كما أكد على ذلك ابن جني رحمه الله بقوله : " وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة "[20] وبهذا يكون الاتفاق بين أهل اللغة أن الهدف من التركيب هو فائدة خبره، وليس كثرة ألفاظه، مع الاحتفاظ بفائدة كل لفظ تمت إضافته، أو بقي ولم يحذف من بناء لجملة .
4- لا تقبل اللا دلالة أو ليست معدومة الدلالة :
يسمى النحاة العرب التركيب اللغوي الذي ليس مفيداً  بالكلم، وأما الكلام "فهو اللفظ المركب المفيد فائدة يحسن السكوت عليها"([21]))فالفارق بين التركيب المفيد وغير المفيد هو حصول الفائدة في المعنى لدى السامع، أو القارئ في التراكيب المكتوبة وبذلك إذا تأملنا في التركيب :( البستان جميل) وجدناه مركبا من كلمتين فإذا أخذنا الكلمة الأولى وحدها ( البستان ) لم نفهم إلا  معنى مفردا لا يكفي للتخاطب وكذلك الحال إذا أخذنا الكلمة الثانية ,غير أنا إذا ضممنا إحدى الكلمتين إلى الأخرى كما هو سابقاً وقلنا ( البستان جميل ) فهمنا معنىً كاملاً واستفدنا استفادة تامة )([22]لعل هذا الشرح المبسط يوصلنا إلى نتيجة مفادها  أن التركيب اللغوي العربي من أهم شروطه حتى يصبح تركيباً أن يكون مفيداً , ولذلك فإن النحو يوفر الفائدة  التي تعد شرطاً في سلامة التركيب أو الجملة وإلا فهي من قبيل اللغو الذي لا فائدة منه، ولا يعتد به، ولا  و لا يجرون عليه القواعد النحوية، ولا يعتمدون عليه في الإنباء بالخبر، ولذلك ظهر لديهم مصطلح الجملة المفيدة التي قالوا في تعريفها :( هي التي تتركب من كلمتين فأكثر وتفيد فائدة تامة، وكل كلمة فيها تعد جزء منها )([23])
فإذا قلنا : ( إذا حضر الأستاذ ) وسكتنا فإن هذا التركيب لا يفيد فائدة تامة مع أنه متكون من ثلاث كلمات، ولكي يكون مفيداً فإن علينا إكمال الكلام حتى يسمى كلاماً أو تركيباً فنقول : نسأله عن الامتحان، وهذه الخاصية تعد  من ألصق الخصائص بالتراكيب اللغوية بنوعيها في اللغة العربي التركيب الاسمي، والتركيب الفعلي .
وتتفاضل الفائدة حسب قدرة المتكلم أو المنتج لهذه التراكيب لإيراد المعنى الذي في النفس بوساطة التركيب المناسب الذي ربما لا يقدر عليه غيره " وإنما يقال للقائل بالكلام الموزون المقفى شاعر؛ لأنه يدرك نوعاً من الكلام ويقدر على تركيب كلمات لا يقدر عليها غيره ) ([24])
5- قابلة لتفعيل التنغيم مع إفادة معانٍ جديدة :
التنغيم هو تغيير نغمة الصوت بالرفع أو الخفض، أو المد أو التقصير للصوت حسب الحال التي يعبر عنها المتكلم في التركيب الذي ينتجه وكل ذلك يحدث في التركيب اللفظي الواحد و(تتوقف درجة النغمات على عدد ذبذبات الأوتار الصوتية في ( الحنجرة ) في الثانية ( الواحدة )([25])
والنغمات قسمها علماء اللغة إلى أربعة مستويات هي :
نغمة منخفضة ورمزها /1/0 وتأتي في نهاية الجملة الإخبارية ,الجملة الاستفهامية التي لا تجاب بنعم أو لا.
نغمة عادية، ورمزها / 2/ 0 وهي بداية الكلام عادة .
نغمة عالية ورمزها / 3/ 0 وترافق عادة النبرة الرئيسية، وتأتي عادة قبل نهاية الكلام .
نغمة فوق عالية ورمزها /4/0 وهي أعلى النغمات، وتأتي مع التعجب أو الانفعال وإذا أردنا أن تتضح هذه الخاصية أكثر فسنضرب لذلك المثل الآتي : اختبار اللغة العربية سيكون غداً .
فهذه جملة إخبارية عند إلقائها من قبل المتكلم ستكون عادة ً بنغمة منخفضة لأن الهدف من إلقائها هو الإخبار عن الاختبار لمادة اللغة العربية، كما أن هذا التركيب أو الجملة بإمكانها أن تكون جواباً على الاستفهام من اختبار مادة اللغة العربية، لأن الإجابة عنه لا يمكن أن يكون بنعم أو لا.
وعليه فإن النغمة الصوتية ستكون هادئة ومنخفضة لتناسبها مع المقام الذي جاءت في إطاره.
ونفس التركيب إذا تغيرت نبرة أدائه فوق المنخفضة ستكون نبرة عادية وذات دلالة أكثر وقعاً، وخاصة بداية الجملة فنقول : اختبار مادة اللغة العربية سيكون غداً . بنغمة أعلى من سابقتها لأنها لم تأتِ جواباً عن استفهام ولم تأتِ خبرية فقط، بل جاءت أقرب إلى التنبيه والجزم في الأمر فتكون دلالة الجملة أقوى من أدائها بصوت منخفض يدل على حدوث الاختبار غداً، ولكن ربما لا يحصل ذلك .
أما إذا ارتفع الصوت أكثر لاسيما في نهاية الجملة مع انخفاض في بدايتها ورفع الصوت أكثر في كلمة ( غداً ) فينتقل معنى التركيب إلى معنى ثالث له دلالة التحذير والتشديد فيه، ولا مجال بعد أداء هذه العبارة أو التركيب بهذا التنغيم الصوتي المرتفع في نهاية الجملة للشك إطلاقاً بأن الاختبار سيكون غداً لأن التنغيم منح الجملة دلالة أقوى وهي التحذير والتأكيد.
أما إذا أصدرنا نفس التركيب اللفظي بنغمة فوق عالية، فإنه سيدل دلالة رابعة مختلفة عن الدلالات السابقة فتضل رفع النغمة الصوتية بهذه العبارة : اختبار اللغة العربية سيكون غداً ؟!
فإنك مباشرة  تفهم أنها  بهذه النغمة الصوتية فوق العالية صدرت من شخص منفعل تفاجأ بالخبر وليس مستعداً لأن يكون الاختبار غداً، فيقول ذلك التركيب متعجباً منفعلاً مستنكراً، مع أنه لم يضيف أي لفظٍ إلى الجملة أو التركيب، غير أن نغمات الصوت تغيرت وارتفعت حتى أبدت معنىً أخر .
وهكذا تتباين دلالة التراكيب اللغوية وتتعدد وتتجدد من معنى إلى آخر بوساطة تفعيل التنغيم الصوتي فيها، من خبرٍ إلى تنبيه إلى تحذير، إلى انفعال، أو تعجب وإنكار، وربما إلى سخرية وتهكم، وكل ذلك حسب هندسة الصوت انخفاضا وارتفاعا وتوسطاً وتلك من أهم وسائل التأثير على المخاطب أثناء إلقاء الكلام إليه، فهناك نغمة حزينة، وهناك نغمة الفرح والسرور، وهناك نغمة حماسية، وهناك نغمة النصح، ونغمة التهديد، وكلها أو معظمها قد تجتمع في تركيب لفظي واحد ويختلف الأداء الصوتي لها فقط، وتلك من أبرز الخصائص في التراكيب اللغوية العربية وغير العربية غير أنها في تراكيب اللغة العربية أكثر تنوعاً، وأبلغ تأثيراً، وأوضح صورة .
فهناك تباين في اللغات في عملية التأثير على المخاطب ( وقد تكون لغة أو أكثر متعددة التأثير، ولغة أخرى غير مؤثرة, وهناك عوامل عديدة تجعل لغة مؤثرة أكثر منها متأثرة )([26])وإن تراكيب اللغة العربية بتفعيلها لخاصية التنغيم تمنح نفسها وسيلة مهمة في تعدد دلالات تراكيبها مع ثبات ألفاظ هذه التراكيب وعدم الحذف منها أو الإضافة إليها.
6- لديها القابلية لتفعيل النبر لإفادة معانٍ جديدة :
النبر في الألفاظ والجمل أو في البني اللفظية والتراكيب يعد من أبرز الظواهر الصوتية التي تستخدم أثناء الحديث أو أثناء الكلام، والنبر يراد به الضغط أثناء الكلام على جزء من الكلمة أو على حرف منها، أو الضغط على جزء من الجملة أو كلمة منها، بدافع بيان معنى مهم يريد لفت نظر المخاطب أو السامع إليه، فإذا نطقت كلمة (تعلم) وضغطت بالصوت على اللام فإنك تشير إلى تأكيد الأمر للفعل الذي لا تظهر دلالة النطق به إلا في حرف اللام الذي تم النبر عليه، وهكذا في العديد من الألفاظ  فالمقطع (الصوتي) قوي النبر يأخذ خانة كلامية أكثر من المقطع ضعيف النبر، ويكون الصوت أشد وأعلى وأطول، فمثلاً كلمة (ذهب ) تتكون من ثلاثة مقاطع (صوتية ) في كل منها صائت: ذَ، هـ، ب، ونعني بالصائت, الحركة التي على الحرف، المقطع الأول هو الأقوى نبراً، والآخران ضعيفاً النبر، ومع النبر القوي يزداد نشاط أعضاء النطق وتقوي حركة الوترين الصوتيين ويزداد نشاط الشفتين , وتصبح حركة اللسان أدق )([27])ونبر الجملة أو التركيب هو أحد أنواع النبر الذي يؤثر على المعنى بهذه الجملة عند نبرها فإذا قلنا :( أحرز محمد الفوز ) فإذا نبرت كلمة ( الفوز) فقد غيرت دلالة الجملة الخبرية العادية إلى جملة توكيدية أكد على الفوز الذي أحرزه محمد، وإذا نبرت كلمة ( محمد ) تغيرت دلالة الجملة أو التركيب إلى الإخبار بأن الذي أحرز الفوز من دون الآخرين هو ( محمد ) وإذا نبرت كلمة ( أحرز) أصبحت دلالة الجملة الإخبار بأن الذي فعله محمد هو الإحراز للفوز، وهكذا نجد نبر الجملة أو التركيب تتقبله الجملة العربية لتظهر معانٍ متعددة بوساطة النبر، الذي يضيف خاصية مهمة من خصائص اللغة وهي الخاصية النبرية وفي ذلك يقول الدكتور الخولي إن إذا كان تغيير النبر في لغة ما يؤثر على المعنى فهذا يثبت فونيمية النبر في تلك اللغات وتسمى اللغة في هذه الحالة لغة نبرية، مثل العربية، والإنجليزية، وتكون اللغة حرة النبرة .([28])
7- لديها قابلية زيادة التأثير في نفس المخاطب :
إن المعني بالكلام أو إنتاج الجمل والتراكيب هو المخاطب، إذ لا يمكن أو يعقل أن الإنسان يكلم نفسه، وهذا المخاطب يصنف على مستويات في الفهم والاستيعاب، وفي تقبل الخطاب أو الشك فيه أو إنكاره، وفي ضوء ذلك يكون الكلام على حسب ما يقتضيه حال المخاطب، وهذا يعني أن يراعي المتكلم أو المنتج للتراكيب اللغوية مع من يتحدث ليخاطبه بالتراكيب التي تناسبه، من أجل التأثير فيه وإفهامه ما يريد، ولذلك لما قدم مندوب قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يتفاوض معه ليتراجع عن رسالته ودعوته، وقال له إن قريشاً تقول لك: إن كنت تريد مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أوسطنا مالاً، وإن كنت تريد ملكاً، توجناك علينا ملكاً، وإن كنت تريد زواجاً زوجناك بأجمل فتياتنا، وإن كان الذي بك رئي من الجن، جلبنا لك أمهر الأطباء لعلاجك، فحل يا محمد بيننا وبين ما تدعونا إليه.
فعرف النبي صلى الله عليه وسلم مراده، فخاطبه خطابا ًمؤثراً بتراكيب تناسب حال المخاطب الذي بين يديه، فقال له : أ فرغت يا أبا الوليد؟ فكان هذا التركيب الجملي الاستفهامي الواضح بمثابة تهيئة للمخاطب ؟ فقال: نعم، فقال له تركيب آخر أو جملة أخرى،( إذاً فأسمع مني)،فما كان منه بعد هذه العبارة المؤثرة التي جاءت بعد سماع النبي صلى الله عليه وسلم السماع الكامل إلا أن استخرج الحكم من المستمع بقوله : أسمع منك .
فأسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، آيات الرحمن وجمل القرآن من بداية سورة فصلت حتى وصل إلى قوله تعالى: ( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود )([29]) .
فما كان من الرجل إلا أن وضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في كامل تأثره وقال له : يا محمد والله إني أخشى أن تنزل الصاعقة على قريش الآن، ثم ذهب إلى قومه، وهو في قمة التأثر بعد أن كان قبل سماع الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم من أشد المعاندين له، ثم أصدر قولته المشهورة لقريش :
والله إني لأعلم بالشعر ووزنه, وأعلم بالسحر ونفثه وعقده, وأعلم بالكهانة وسجعها, فليس ما يقوله محمد شعر ولا سحر ولا كهانة , والله إن لكلامه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر , وإن أسفله لمغدق , وإنه ليعلو ولا يعلى عليه.
قالوا: والله لقد سحرك محمد ولقد عدت بغير الوجه الذي ذهبت به  ([30])، وهم بهذا الخطاب أو التركيب الجملي ,يقرون ويعترفون بتأثير كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
إن التراكيب سابقة الذكر في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وما تلاه من آيات قرآنية، وما نطق به مندوب قريش ألم تترك أثراً في النفس ما يزال إلى اليوم ؟ وقد يقول قائل : إنه كلام الله تعالى، وكلام من لا ينطق عن الهوى، فنقول : أليست جملاً عربية وتراكيب عربية فلا مناص من أنها تحمل خاصية التأثير، ثم إن كلام أبي الوليد أيضاً مؤثر والجمل التي قالها في القرآن الكريم، ما نزال نرددها إلى اليوم، تترك أثرا بالغا في كل من يسمعها بل وتزيد ارتباطه بالقرآن الكريم .
وهذا يعني قوة تأثير التراكيب اللغوية العربية وزيادة هذا التأثير على السامع من حين إلى آخر .
8- يعتمد تقييمها على السليقة اللغوية وعلى القاعدة معاً :
التراكيب اللغوية العربية أو الجمل العربية تعتمد على القاعدة النحوية في تركيبها لتصبح دلالتها سليمة أو صحيحة، فإذا قلنا : دخل سعيد الفصل، عرفنا إن هذا التركيب سليم من حيث انه يكون من فعل وفاعل ومفعول، وذلك من خلال المعيار القاعدي؛ فالقاعدة النحوية تقول بأن الجملة الفعلية التي فعلها متعدَ إلى مفعول واحد يكون تركيبها مثل الجملة السابقة الذكر فهي جملة من الناحية القاعدية سليمة، ونحكم على هذه الجملة بوساطة السليقة أيضاً؛ إذ إن السامع أو القارئ لهذه الجملة، من درس أولم يدرس القواعد النحوية ليعرف مدى صحة هذه الجملة، فإنه وبالسليقة التي تكمن فيه كمتكلم ناصح أو كسامع ناضج يفهم أن دلالتها سليمة وصحيحة أما إذا قلنا التركيب : (في محمد الفصل) فإن القاعدة تقول لنا: التركيب غير سليم نحوياً لأن البناء لهذه الجملة لم يعتمد على قاعدة صحيحة لأنه لا يوجد في النحو قاعدة تقول لنا :نبدأ بحرف جر قبل اسم ظاهر لا يدل على الظرفية؛ لأن (في) من اختصاصها الدلالة على الظرفية، وإن السليقة تقول لنا: إن المعنى غير مستقيم، وفي ذلك يقول عبد القاهر الجرجاني : " أتصور أن تكون معتبراً مفكراً في حال اللفظ حتى تضعه بجنبه أو قبله، وأن تقول هذه اللفظة، إنما صلحت لكونها على صفة كذا أم لا يفعل أن يقول : صلحت ههنا لأن معناها كذا .
ولدلالتها على كذا وإن معنى الكلام والغرض منه يوجب كذا ولكن معنى ما قبلها يقتضي معناها "فهناك ترابط بين ألفاظ التراكيب ليستلزم أن يكون منطقياً وهذه المنطقية لا تأتي إلا بصحة التركيب قاعدياً، ودلالياً، حتى أنه يفهم من خلال السياق مباشرة، ودون عناء من السامع، والتراكيب اللغوية العربية لا تقبل إلا الاثنين معاً لأن تكون وفق القواعد النحوية، وموافقة للسليقة اللغوية.
ويشير إلى ذلك العالم اللغوي نعو م تشومسكي فيقول : ( إن المقصود باصطلاح جملة هو مجموعة سلاسل المكونات الأساسية وليس السلاسل المتكونة من وحدات صوتية )([31]).
وهو يعني بالمكونات الأساسية الألفاظ المكونة للجملة على ضوء القواعد النحوية التي تضبط بناء الجملة المتكونة من أصولها الأساسية كالمبتدأ والخبر في الجملة الاسمية أو الفعل والفاعل في الجملة الفعلية وما يتعلق بها بشكل منطقي وليس السلاسل المتكونة تباعاً من وحدات صوتية مكونة للكلمات ثم تكون التراكيب فتكون كيفما جاء واتفق، وإنما تؤدي معنى مرتباً وسليمًا يحكم عليه من خلال السليقة التي يسميها الجرجاني(الحدس) ومن خلال الضبط القواعدي.
وفي ذلك أيضاً يقول : " الألفاظ لا تفيد حتى تؤلف ضرباً خاصاً من الـتأليف ويعمد بها إلى وجهٍ من التركيب والترتيب"([32])
فالتركيب والترتيب متلازمان في التركيب اللغوي العربي .
ويؤكد على ذلك أبو هلال العسكري في كتابه الصناعتين بقوله في فصل ( تمييز الكلام ) : "الكلام أيدك الله يحسن بسلاسته وسهولته وفصاحته لفظه وإصابة معناه، وجودة مطالعه وأنس, مقاطعة واستواء تقاسيمه وتعادل أطرافه وتشبيه أعمدته بهواديه مع قلة ضروراته بل عدمها أمثل حتى لا يكون لها في الألفاظ أثر ... فإذا كان الكلام كذلك كان بالقول ضليعا، وبالحفظ خليقاً"([33])
فالسهولة في التركيب وتعادل الأطراف،واتصال أوله بآخره وسلامة منطقه وتركيبه ,ولطف مأخذه, ووضوح دلالته, كل ذلك يؤكد أن التركيب اللغوي العربي يعتمد عند التقييم على المعيار القاعدي أياً كان سواء كان نحوياً أو بلاغياً، وكذلك على الجانب الدلالي الذوقي المعتمد على السليقة اللغوية .
المطلب الثاني : الخصائص التركيبية.
1-    تتمتع التراكيب في اللغة العربية بالعديد من الخصائص يمكن إجمالها فيما يأتي:
التركيب العربي اللغوي مع أنه منضبط بالقواعد النحوية التي أعانت على إنتاج تراكيب سليمة إلا أن السعة في توليد جمل أو تراكيب من الجملة الأصلية أو التركيب الأصلي أصبحت صفة أو خاصية لازمة لها، وهي خاصية أعطت التراكيب اللغوية العربية صفة الحيوية التي بوساطتها يتم توليد تغييرات أو جمل تغطي الحاجة التي يحتاجها المتكلم أو الكاتب ,وتزيده قدرة في التعبير عما يجول في خاطره أو يحتاج إليه .
وتستخدم اللغة العربية لتوليد جمل عديدة من التراكيب الأصلية ,قواعد متنوعة أهمها القواعد النحوية، وذلك منذ تأسس النحو العربي ومنذ وضعت قواعده من عهد أبي الأسود الدؤلي كما تقول الروايات ومن عهد الخليل وسيبويه، ومن جاء بعدهم ممن توسع في تقعيد النحو العربي ,ويضاف إلى هذه القواعد النحوية، القواعد البلاغية التي اهتمت بالدلالة والمعاني المتعددة و المتفاضلة بتفاضل للجمل والتراكيب، وذلك وفق ما يتميز به كل تركيب عن الآخر في إيراد المعنى .
وبالاستعانة أيضاً بالقواعد الصرفية التي تساعد على توليد مشتقات عديدة من البنية اللفظية الواحدة في ذات التركيب الواحد فمثلاً قولنا : كتب محمد الدرس، يختلف سياقها إذا ما غيرنا صرفياً بنية الفعل كتب إلى الفعل يكتب، فتصبح الجملة يكتب محمد الدرس، وتعد جملة جديدة تولدت عن الجملة السابقة بواسطة التصريف الذي طرأ عليها، وهكذا إذا غيرنا تصريف الفعل مرة أخرى وقلنا (اكتب ) فعل أمر، سيتغير تركيب الجملة إلى كلمتين في الظاهر، وثلاث في الباطن، إذا راعينا وجود الضمير المستتر الذي تقديره أنت، وأصبح لدينا جملة جديدة أخرى ذات دلالة مختلفة عن التي سبقتها  حيث أصبحت تدل على المستقبل، وسنجد كلما غيرنا تصريف لفظ في هذه الجملة ستتولد جملة جديدة، أو تركيباً جديداً يحمل معنى ًمختلفاً عن معنى التركيب السابق، وهكذا.
وفي ذلك يقول عبد القاهر الجرجاني:" إنك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت فيها فوائد حتى تراها مكررة في مواضع ولها في كل واحد من تلك المواضع شأن منفرد"([34])
ويؤكد على ذاك ابن جني بقوله :
( فالتصريف إنما هو لمعرفة أنفس الكلمة الثابتة، والنحو إنما هو لمعرفة أحواله المتنقلة، ألا ترى أنك إذا قلت : قام بكر، ورأيت بكرا، ومررت ببكر، فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل، ولم تعرض لباقي الكلمة ) ([35]).
وكذلك ما وصفه علماء البلاغة من أسس وأصول، تساعد في توليد العديد من الجملة ذات دلالات مختلفة ومتفاضلة فيما بينها على حسب الحاجة إليها سواء في علم البيان أو البديع أو المعاني، فالجناس، والطباق، والتقسيم التي هي من علوم البديع تؤدي إلى معان جديدة في التراكيب التي تستخدم فيها ,وكذلك الاستعارة والتشبيه والكناية وتنوع الخبر على حسب المخاطب، وألفاظ الإنشاء الطلبي وغير الطلبي، كلها قواعد وضوابط تعين على إخراج معان جديدة من التراكيب اللغوية .
وكل ذلك وغيره يجعل من هذه التراكيب، تراكيب ذات طبيعة توليدية لا متناهية .
2-  لديها القدرة على إيراد أكثر من معنى  بنفس التركيب:
إذا قلنا كما قال الشاعر : (علو في الحياة وفي الممات).[36]
فهذا التركيب قد يدل على أكثر من دلالة مع أنه لم يتغير منه شيء، وذلك حسب الاستخدام والحاجة إليه، فإذا عرفت مناسبة هذا القول فإننا سنستبدل به في ذات السياق  نقيض ما بظاهر معنى البيت الشعري   وينسب البيت للشاعر أبي الحسن الأنباري يرثي فيه ابن بقية, حين صلب وحول صلبه بهذا الوصف إلى علو ورفعة وأحوال حسنة (  بقلب جملة ما يشكو من أحوال المصلوب إلى خلافها، وتأول فيها تأويلات أراك فيها أحوالا ما ينقضي منها العجب)([37])
وهذا التركيب بنفس الألفاظ يمكن استخدامه مثلاً تجربة الإنسان كان في الدنيا صاحب صفات حسنة وإنجازات ظاهرة ويعد كأن له أثر بالغ ومآثر خالدة، منقول في سياق دلالي آخر ( علو في الحياة وفي الممات، وبإمكانك أن ترد على إنسان يطلب منك وصفاً لزميل لك في قصة لفيفة موجزة تختمها بعبارة مناسبة، فتأتي بالقصة مختومة بقولك : علو في الحياة وفي الممات، ويستخدمها في وصف الشهداء الذين قدموا أنفس ما لديهم وهي حياتهم، مع استذكارك لجزائهم في الآخرة ( علو في الحياة وفي الممات ).
ويأتي هذا التركيب في سياق السخرية إذا رأيت جثمان الكبش مرتفعاً، ورأيت بعده أن ذبح وعلق لبيع لحمه ( علو في الحياة وفي الممات ) وتستخدمه لمن هو متفوق في نجاحه في كثير من أموره، وبعد مماته رأيت شهادات تفوقه، تقول: (علو في الحياة وفي الممات ).
وبذلك تدرك أننا استخدمنا هذا التركيب في دلالات عدة، فأول استخدامه في المراثي على سبيل المجاز  لأنه لا يمكن أن يكون تصبراً عن حال المصلوب الذي يعاني الموت إلا عن طريق المجاز، واستخدمناه في الوصف الحقيقي لمن كانت له مفاخر في حياته وحسن تأثر بعد مماته، واستخدمناه في خاتمة قصة وترجمة حياة، واستخدمناه في معرض الطمأنينة لوصف حال الشهداء، واستخدمناه في تذكر حال المتفوق في دنياه وبعد رحيله منها، واستخدمناه في معرض السخرية والتهكم، وهكذا بإمكاننا أن نستفيد من هذا التركيب في تأويلات متعددة .
مع أننا لم نغير من تركيبه ولا حتى من تصريفات ألفاظه شيئاً وإنما حسب الحاجة إليه، والسياق المناسب كما يشير إلى ذلك عبد القاهر الجرجاني بقوله: ( فقد صار الاسم الواحد وسيلة إلى الهدم والبناء، والمدح، والهجاء، وذريعة إلى التزيين والتهجين )([38])
وجاء  بالاسم هنا للدلالة التركيبية، كما هو واضح من سياق كلامه الذي استشهد به بقول ابن المعتز : علو في الحياة وفي الممات.
ومن ذلك يتضح  أن هذه الخاصية ربما تظهر بها التراكيب اللغوية العربية عن باقي اللغات وهي سمة من أروع وأجل السمات .
3-  عدد الكلمات في بنائها وتركيبها يؤدي إلى وضوح في معناها :
وهذه الخاصية مرتبطة بسابقتها غير أن إفرادها يأتي من أجل بيان أن اللغة العربية ليس فيها زيادة عند حاجة المتكلم الذي يكون تراكيبها , فتركيب الجملة بألفاظ كثيرة يعني أنها أنتجت لتكون معبرة عن معنى مستفاد منها وبنفس الصورة، فمثلا إذا عرضنا لقول الشاعر:
يا ليل الصب متى غده ؟ ... أ قيام الساعة موعده ؟
ففي الشطر الأول يبدو أن التركيب اللفظي المكون من أسلوب النداء، وأسلوب الاستفهام لا يصح الاكتفاء به, فقولنا فقط : يا ليل الصب، هو بذلك تركيب ناقص ضعيف الإفهام، وعليه فلا بد أن يكتمل بأسلوب الاستفهام الذي يليه ليكونا محل تلقي من المستمع الذي بدوره يحلل ويفهم ويحكم، وهذا بالضرورة يجعل التركيب بهذا الطول أو بهذا العدد من الكلمات, و كذلك قل في التراكيب التي لها مقدمة وتحتاج إلى خاتمة في المعنى كأسلوب الشرط، وأسلوب النداء، وأسلوب الاستفهام، والصلة وغيرها إذ لا يكتفي بالجزء الأول منها وإن كان مركباً فهو بحاجة إلى تركيب يكمل معناها، ويوضح مغزاه، لأن الغاية من اللغة ليس إنتاج الكلام، بل الغاية منها هي فهم ما يقال، ومعنى ذلك أن السامع والقارئ هو الحكم في صحة الكلام وفي ذلك يقول صاحب دلائل الإعجاز : "فانظر أيتصور أن يكون ذلك للفظ, من حيث أنك أنكرت شيئاً من حروفه أو صادفت وحشياً غريبا أو سوقيا ًضعيفاً، أم ليس إلا لأنه لم يرتب الألفاظ في الذكر على موجب ترتيب المعاني في الفكر، فكدٌ وكدرٌ، ومنع السامع أن يفهم الغرض إلا بأن يقدم ويؤخر، ثم أسرف في إبطال النظام، وإبعاد المرام "([39]).
إذاً فالتركيب اللغوي في العربية وإن طال فذلك لعلة وهي فهم السامع الذي يهمه أن يفهم ما يقال وأن تكون تلك الجمل المنتجة سواء مسموعة أو مكتوبة سلسلة واضحة المعاني، وهذه من أهم خصائص التراكيب اللغوية العربية حتى ولو كانت هذه التراكيب طويلة .
ولقد وصف المطران يوسف داوود الموصلي اللغة العربية وتراكيبها بأنها "أقرب سائر لغات الدنيا إلى قواعد المنطق و عباراتها سلسلة طبيعية" ([40])
4-  لها قابلية التبسيط مع التعقيد:
من خصائص التراكيب اللغوية العربية قابليتها لأن تكون بسيطة وسهلة وسطحية، وأن تكون معقدة ولا يفهمها إلا أهل الاختصاص بعد كدٌ الذهن وإمعان الفكر واسترجاع المخزون  الذهني المعرفي في ذات المجال الذي تتحدث عنه هذه التراكيب .
فربما سمع البعض منا أو قرأ قول القائل :
(مالكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على رجل ذي جنة) [41]وهو تركيب لفظي عربي فصيح غير أنه لا يفهمه السامع بسهولة، ومعناه الواضح البسيط ( مالكم تجمعتم علي كتجمعكم على رجل به مس من الجن )، هذا إذا ما أردنا أن نبين هذه الخاصية بسهولة ويسر، أما ما يتعلق باستخدام العلوم البلاغية، في بناء وإنتاج التراكيب اللغوية فلا يعقلها إلا العالمون، من ذوي الاهتمام والمعرفة للغة وعلومها.
فإذا استخدم المجاز والاستعارة والكناية والتشبيه في تركيب الجمل أو العبارات ولا يدرك مغزاها ولا يفهم مرادها إلا من سبر غورها  واطلع على حقيقة علومها ومثال ذلك قول الشاعر:
بدلت من ليل كظل حصاةِ ... ليلا ًكظل الرمح غير موات ([42])
فهل يستطيع السامع العامي أن يفهم ما يريده الشاعر بهذا البيت؟!
فلا ريب أن إدراكه لمغزاه صعب أو ممتنع عليه بالكلية، أما من درس البلاغة وعرف فنونها فسيجد معناه يعد كد ذهنه وعناء فكره، وقد أورده الجرجاني في أسرار البلاغة، كشاهد من شواهد كلام العرب التي تمايزت في تشبيه الليل وفي معرض ذكر المبالغة في كلام العرب واستعاراتهم([43]).
وهذا يعني اجتماع خاصيتي السهولة في دلالة التراكيب اللغوية مع إمكان علوها حتى التعقيد الذي لا يفهمه إلا الراسخون في العلم .
5- ذات أصلٍ جذري إما اسمي أو فعلي:
الجملة في اللغة العربية قسمها الحكماء إلى قسمين، إما اسمية أو فعلية والاسمية ميزوها بأنها كل جملة تتركب من مبتدأ وخبر وتبدأ باسم فهي جملة اسمية ([44]) مثل : الدار واسعة، والعلم نور، والأخلاق رافعه، والجملة الفعلية هي كل جملة تتركب من فعل وفاعل مثل: لمع البرق، ويشتد البرد،وهذا الكتاب([45]) وفي ضوء ذلك التصنيف للجملة العربية أو التركيب اللغوي العربي يصبح أصل هذا التركيب مكون إما من مبتدأ وخبر وهو جذر الجملة الفعلية، ثم إذا أردنا الزيادة على هذه المكونات فلا إشكال، فإذا قلنا : كتب محمد الدرس، فقد زدنا على الفعل والفاعل والمفعول به  وهو الدرس، وذلك من مستلزمات الجملة لتكون تامة الفائدة، وإذا زدنا في الجملة الاسمية، الدار واسعة، وقلنا لا لدار واسعة نظيفة، فكلمة نظيفة إضافة بعد المبتدأ والخبر، وهي وصف أو تسمية صفة في النحو وهي لها أحكامها التي  اصطلح عليها النحاة بأنها من التوابع التي تتبع ما فيها في كل أحواله .
وهكذا بالإمكان أن نضيف على جذر الجملة العربية بنوعيها حسن حاجة المتكلم أو الكاتب، وحسب ما يقتضيه أيضا ًحال المخاطب إذ بإمكانه أن يكتفي بقولنا له : حضر الأستاذ، فإذا احتاج تأكيداً نقول له : إن الأستاذ حضر، لنؤكد الخبر، وإذا رأيناه فكر نقوله له والله إن الأستاذ حضر، وهكذا وحتى لو لم يقتضي حال المخاطب ذلك فإننا نريد على مكونات الجذر الأصلي للجملة الاسمية أو الفعلية ما نشاء حسب ما نريد، وحسب ما يقتضيه التعبير حتى يكون مفيداً وواضحاً.
وربما تكون الإضافة في الجملة في إطار المكونات الرئيسية للجملة الاسمية من مبتدأ وخبر وذلك مثل قولنا : الكتاب الذي تقرأ فيه من أهم الكتب في تخصصك .
فالتركيب الأول من هذه الجملة : ( الكتاب الذي تقرأ فيه ) وقع في إطار ومحل المبتدأ، والجزء الثاني الذي هو (من أهم الكتب في تخصصك ) يقع في إطار الخبر، ويأخذ حكمه احتمالا الذي هو في محل رفع، غير أن التكوين الرئيس هو الجذر الاسمي أو الجذر الفعلي للجملة والتركيب .
6-تستفيد من التكوين الصوتي للكلمات وكذلك من تكوينها بوساطة البنى الصوتية أو الألفاظ :
الأصوات أو الأحرف هي مكونات البنى الصوتية أو الكلمات، والكلمات أو البنى الصوتية هي مكونات التراكيب أو الجمل في اللغة العربية، والتكوين الصوتي بوساطة الأحرف للكلمات لا شك أنه يتم تركيبه عند إنتاج الألفاظ وتكوينها حسب حاجة المتكلم، وحسب ما يقتضيه الحال مع السامع أو القارئ فإنتاج كلمة ( كتب) من الأصوات أو الأحرف (ك، ت، ب) يأتي وفق إرادة المتكلم الإخبار بأمر الكتابة الذي يناسبه الفعل (كتب) الدال على حدوث الكتابة في الزمن الماضي، ويبقى السؤال كيف تفيد تراكيب الجملة من التكوين الصوتي أو الحرف للكلمات ؟ والجواب عن ذلك يتضح بأن التكوين الصوتي للكلمة له دلالته التي تتغير من حين إلى أخر حسب الحاجة إليه في التعبير عن المكتوب في النفس فلفظ ( كتب ) إذا كان في الجملة : كتب محمد الدرس،بالإمكان أن يتغير معنى التركيب إذا قلنا (كتب)بالتضعيف للتاء، فيصبح فعل متعدٍ إلى مفعولين ويكون التركيب مفيداً معنى آخرا جديدا، وحينما نقول : كتب محمد وعليا الدرس، وكذلك إذا غيرنا في حركات أصوات اللفظ ( كتب ) بضم أوله وكسر ما قبل أخره ليكون مبنياً للمجهول فتصبح الجملة : كُتب الدرس، وأفاد التركيب معنى جديداً حسب الحاجة إليه، إذ أن الحاجة لاستعمال الفعل المجهول عند علماء اللغة العربية تكمن في طلبهم للإيجاز أو في رغبة المتكلم إخفاء الفاعل، أو في تعظيم شأنه، أو تصغير شأنه وهكذا بمجرد تغيير حركي صوتي في بنية كلمة واحدة في التركيب استفدنا دلالات جديدة لتراكيب جديدة، وهذا مما يساعد على التوليد للجمل اللامتناهية كما ذكرت ذلك سابقاً في خاصية التوليد المتصلة بالتراكيب اللغوية .
وهذا التغير الطفيف في أصوات لفظٍ واحد من أجل ليحدث هذا التجديد المتعاقب في التركيب، ,هو أيضاً متعلق بالتغيير الصرفي في بنية الكلمة، وتعدد اشتقاقاتها، التي يستفيد منها التركيب أيضاً دلالات جديدة وذلك كالآتي:
دخل محمد الفصل                       خبر عن الماضي .
يدخل محمد الفصل                      خبر عن الحال .
ادخل الفصل                                        أمر للمستقبل القريب .
دخل الآن محمد الفصل                            وصف آني .
الداخل إلى الفصل محمد       تعيين من هو الداخل .
كل ذلك وغير ه من التغييرات في التركيب اللفظي للبنية الصرفية أو للفظ على ضوء القواعد الصرفية يمنح التركيب دلالات ومعانٍ مستفادة وجديدة .
7- تمتلك أدوات الربط المناسبة بين مكوناتها :
 التركيب الجملي في اللغة العربية لديه أدوات ربط متعددة عند تكوينه، وبما يناسب سياق التركيب أو الجملة، وبما يغطي الحاجة لتلك الروابط، وغالباً ما تكون هذه الروابط من الحروف أو الضمائر التي تعود على مكون سابق في الجملة بنوعيها, مثل حروف العطف, وحروف الجر , وألفاظ الاستدراك, وغيرها مما يجعل سياق الجملة أو العبارة أو التركيب الجملي متناغما مؤديا للوظيفة اللغوية التي كون من أجلها، ولا شك أن اللغات الأخرى لديها هذه الأدوات في تراكيبها غير أن هذه الأدوات في اللغة العربية أكثر تنوعا وأيسر استعمالا وأكثر انضباطا؛ إذ لا يمكن استخدامها إلا في ضوء قواعد لغوية أو نحوية سواء في الكتابة أو النطق كما يتضح ذلك من أقسام أو أنواع هذه الروابط وذلك كما يأتي :
أأدوات ربط، تربط بين الكلمات أو الجمل التي يكون بينها نوع من التقارب في المعنى أو درجة الحكم، أو أية علاقات معنوية أخرى. وهذه الأدوات هي: و/فـ/ثم/ بالإضافة إلى: كذلك /كما أنّ... وغيرها.
بأدوات ربط تساعد على تقديم التصورات التي تناقض الفكرة الرئيسة، أو تختلف معها بسبب أو آخر، وهذه مثل: بل/لكن/إنّما/ رغم/ مع أنّ... وهكذا.
ج- روابط تمهد لتعليل فكرة، أو استنتاج رأي، وذلك مثل: بسبب/ بفضل/ حيث إن/ لكي/ نتيجة لـ / ومن ثمّ.
د- وهناك فصيلة أخرى من الروابط قد يحتاجها الكاتب  أو المتحدث لغرض خاص، كأن يريد مثلاً أن يقيد فكرته، أو يجعلها مشروطة، أو يود إعطاء تفصيلات على نحو أو آخر، وهنا قد تسعفه أدوات ربط، مثل: لو لم/ إما ... أو/ لا ... ولا/ سواء... أو.
هـ- روابط أخرى تعين على تجسيم فكرة زمنية على نحو خاص، وذلك مثل: قبل أنْ... /بعد أن، لم يمض على ... حتى / ما لبث أنْ .. متى كان الخ.
وتعد تلك الخصائص أبرز ما يميز التراكيب اللغوية في لغتنا العربية , بالإضافة إلى ما تحدث به النحويون الأوائل عنها في كتب النحو المختلفة والمتنوعة .
الخاتمة :
الحديث عن خصائص التركيب اللغوي في اللغة العربية من الموضوعات التي ما تزال بحاجة إلى تمحيص أكثر، وإن كثر الحديث عن خصائص اللغة العربية إجمالا على المستوى الصوتي والصرفي والتركيبي والدلالي، وربما يمر الكثير من تلك الدراسات على خصائص التراكيب اللغوية من ناحية أو أخرى غير أن إبراز هذه الخصائص بصورة واضحة لم يتبلور بعد,  نظراً لانحسار الدراسة اللغوية بمجملها نحو الخصائص اللغوية عامة، سواء للغاتٍ متعددة، أو حتى للغة العربية بصورة عامة .
وعليه فقد جاء هذا البحث ليضع الصورة الإجمالية لخصائص تراكيب اللغة العربية، سواء من ناحية الصحة القواعدية التكوينية، أو من الناحية الدلالية التي هي ثمرة التكوين اللغوي برمته، إذ لا قيمة لأي تركيب لغوي ليس له دلاله ناقصة، وإن كان تركيبه القواعدي سليم وصحيح، حيث أن الغاية من اللغة هي الإفهام والإيضاح والتعبير عن الحاجة الكامنة في النفس، والمصورة في الذهن، وهذه الخصائص وضعت مرتبطة بالمفهوم السليم للغة سواء في القديم أو الحديث وفي ضوء معرفة الموقع الحقيقي للمستوى التركيبي الذي يتكون فيه التركيب اللغوي في لغتنا العربية، حتى تتضح العلاقة بينه وبين التكوين اللغوي في المستويات اللغوية الأخرى سواء التي قبله في التكوين وهي المستوى الصوتي والمستوى الصرفي، أو التي تليه وهي المستوى الدلالي، لجملة التراكيب المترابطة في النص اللغوي وفقا لقواعد لغوية متعارف عليها عند علماء اللغة قديماً وحديثاً لتكون أدق انضباطا في التكوين والدلالة معا، وإن تركيبها صغر أم كبر في عدد ألفاظه أو كلماته  لا بد أن يبنى وفق ضوابط وأسس معتمدة في اللغة وفي العقل أيضاً، سواء بالحذف والإيجاز، أو بالإضافة والإطناب .
وإن من خصائص تراكيب اللغة العربية بنوعيها الفعلي والاسمي أنها  تستعمل في سياق النص العام ككتل مترابطة إذ لا يمكن أن تستخدم الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية بتكوينها السليم قاعدياً ودلاليا ً في النص إلا وفق الحاجة وفي إطار تماسك الدلالة العامة لما قبلها وما بعدها .
ويظهر الخطأ أو العيب الدلالي في سياق النص إذا كانت خصائص هذه التراكيب غير مكتملة، أو غير صحيحة مما يمكن اللغة طرد الجملة أو التركيب غير السليم في إطار النص، واستبداله بتركيب آخر مناسب للسياق، وكذلك في تكوينه الداخلي من الألفاظ .

النتائج:
1-     اتصل مفهوم اللغة بمستوياتها إذ إن اللغة بمفهومها عند علمائها الأوائل والأواخر يدور حول المعطيات اللغوية أو ما نسميها بمكونات اللغة ابتداء من المستوى الصوتي حتى المستوى الدلالي .
2-    تتناغم المستويات اللغوية من حيث ترابطها التكويني بحيث يصبح كل مستوى لغوي مرتبط بالذي قبله والذي بعده أيضا, فالتركيب اللغوي الذي يعد في المستوى التركيبي لكي يكون مقبولا فلا بد أن يؤدي إلى المستوى الذي يليه وهو المستوى الدلالي، ولابد أن تكون تكويناته من الأصوات والبنى اللفظية منسجمة مع ما يراد منه عند تكوينه والنطق به .
3-    التراكيب اللغوية في اللغة العربية عامرة بخصائص مرتبطة بالدلالة تميزت بها وفق قواعد تحويليه أو توليدية، تجعلها أكثر قابلية في الاستعمال اللغوي من غيرها من اللغات، ويزيد ذلك من سعة استيعابها للكثير من الدلالات المطلوبة .
4-    التراكيب اللغوية في اللغة العربية أيضًا لها خصائصها التركيبية او التكوينية التي يجعلها أكثر فاعليه في التعبير .
5-    تتنامى خصائص التراكيب في اللغة العربية لدى ناطق أو كاتب اللغة باتساع فهمه لهذه الخصائص، وكثرة  استخدامه لها من حين إلى آخر عند النطق بها أو كتابتها حتى يصل إلى الذروة في الاستعمال اللغوي المؤثر والبليغ.
6-    يتأثر أداء هذه التراكيب بمقدار حسن استعمال التنغيم أو النبر بما يتناسب والمعنى المراد، عند الحديث أو التكلم بها .
7-    القاعدة التركيبية النحوية والدلالية، والسليقة اللغوية هي الأسس التي يتم بوساطتها تقييم التراكيب اللغوية في اللغة العربية، ومدى توافر خصائصها المتميزة أو ضعفها، ومن هنا تأتي المفاضلة بين التراكيب، وحتى بين الألفاظ في إطار التركيب اللغوي وحتى النقد الأدبي للنصوص لا بد وأن يعتمد على الأسس السابقة، مع مراعاة الدلالة العامة للنص، ومدى تناسق الاتصال فيما بينها، ومدى توافر خصائصها .
8-    القدرة التوليدية لدى تراكيب اللغة العربية يجعل المدى واسعاً ولا حدود له في أن تعبر عن كل ما يريده متكلم اللغة أو كاتبها، وتتيح له المجال للإبداع كيفما يشاء، والمهم هو أن يحسن استخدام هذه الخاصية وفق صورتها السليمة.

التوصيات :
1-    يوصى الباحث الأكاديميين والمتخصصين بمثل هذه الموضوعات التي تعالج مشكلة ضعف تكوين التراكيب اللغوية في اللغة العربية .
2-    ضرورة استمرار البحث العلمي في استخلاص خصائص أخرى لتراكيب اللغة العربية لاسيما وان البحث في هذا الموضوع ما يزال قابلا ومحتاج إليه .
3-    يوصى الباحث المراكز البحثية الاهتمام بالبحوث اللغوية، والمنطوقة باللغة العربية، وبدراستها على المستوى الصوتي والصرفي والتركيبي والدلالي .
4-    يوصى الباحث الجامعات الاهتمام والإقرار لمواد أو مقررات علمية مرتبطة مباشرة باللغة العربية وخصائصها وخصائص تراكيبها لاسيما في برامج اللغة العربية والبرامج القريبة منها كالدراسات الإسلامية، والدراسات القرآنية .
5-    على كل المنابر الثقافية واللغوية والإعلامية والبحثية الاهتمام الجاد بالدراسات اللغوية، وتطويرها بما يحقق الاستفادة من خصائص اللغة العربية وتراكيبها المتميزة،والمفيدة في إطار أعمالهم المعتمدة على اللغة وفروعها .
6-    يوصى كل من لديه اهتمام بموضوعات الحوار والإقناع، والخطاب المؤثر، الاهتمام بدراسة خصائص التراكيب اللغوية العربية لما لها من تأثير يختصر الكثير من الجهد والأعباء .



قائمة المصادر والمراجع
1.    القرآن الكريم.
2.     السيرة النبوية ابن هشام – , ج1, دار الصحابة للتراث – طنطا –مصر , بتحقيق :مجدي فتحي السيد , الطبعة الأولى , 1416هـ -1995م
3.     المنصف في شرح كتاب التصريف للمازني، تحقيق إبراهيم مصطفى، وعبدالله أمين، القاهرة 1995م.
4.     أبو الطيب المتنبي-ديوان المتبنى – شرح – ناصيف اليازجي  ط1 .تهذيب. د. إبراهيم ناصيف اليازجي . دار التراث, بيروت لبنا ن , 1984م.
5.     أبو الفتح عثمان ابن جني – الخصائص   - ج 1 , تحقيق, د. عبدالحميد هنداوي, دار الكتب العلمية –بيروت –لبنان-الطبعة الثالثة, 1429هـ,2008م.
6.     أبو هلال العسكري، والصناعتين تحقيق وضبط  د. مفيد قميحة  دار الكتب العلمية بيروت  لبنان . ط2 – 1404هـ - 1984م.
7.     أحمد مختار عمر، علم الدلالة، الكويت، مكتبة دار العروبة2001م.
8.     جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، القاضي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول الأحمد فكري، دار الكتب العلمية، لبنان بيروت  1421هـ - 2000م ط1—ج2 .
9.     جمال الدين عبدالله بن هشام الأنصاري- مغني اللبيب شرح منتهى الأعاريب ج1– دار إحياء التراث-المكتبة العصرية –بيروت –لبنان-1428هـ-2007م.
10.                        شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، والمكتبة العصرية – إصدار بيروت – مراجعة وتصحيح الدكتور محمد أسعد النادري – طبعة  مصححة للمكتبة العصرية عام 1428هـ - 2007م – ج1 .   
11.                        عبد العزيز عتيق – علم المعاني – دار النهضة العربية – بيروت لبنان – 1405هـ -1985م.
12.                        عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، دار إحياء التراث بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2009م.
13.                        عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1318 هـ - 1678 م صــ 148
14.                        عبد المجيد منصور – علم اللغة النفسي – الرياض – مطبعة جامعة الملك سعود .
15.                        علي عبد الواحد وافي- علم اللغة – القاهرة – دار النهضة مصر 1996م.
16.                        عناصر اللغة العربية وخصائصها إصدار وزارة المعارف – المملكة العربية السعودية  .
17.                        ماريو باي، أسس علم اللغة، ترجمة أحمد مختار عمر، القاهرة : عالم الكتاب .
18.                        محمد عبد الله العبيدي، دلالة السياق في القصص القرآني، إصدار وزارة الثقافة والسياحة- صنعاء 1425 هـ - 2004م .
19.                        محمد على الخولي – مدخل إلى علم اللغة – دار الفلاح للنشر والتوزيع –الأردن ط1 – 1993م .
20.                        محمد محمد يونس علي، علم اللغة العام-دار الفلاح للنشر والتوزيع- الأردن-2001م.
21.                        محمود حسني مغالسة، النحو الشافي -مؤسسة الرسالة ناشرون – سوريا –دمشق-الطبعة الثالثة 1426 هـ -2005م .
22.                        مصطفى أمين، وعلى الجارم، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، مكتبة الإرشاد، صنعاء ط1 1431هـ-2010م .
23.                        نعوم تشومسكي، مظاهر النظرية  التركيبية, ترجمة :لمى نجيب, , دار حوران للنشر والطباعة , سوريا دمشق, 1975م.





[1]- أبو الفتح عثمان ابن جني، الخصائص،  ج 1 ص14
[2]- ماريو باي، أسس علم اللغة، ترجمة أحمد مختار عمر، القاهرة : عالم الكتاب صــــ11
[3]- علي بن محمد بن علي الجرجاني - تحقيق : إبراهيم الأبياري -الناشر : دار الكتاب العربي – بيروتالطبعة الأولى، 1405, صـ247.
[4]- مدخل إلى علم اللغة – محمد علي الخولي  صـــ 14.
[5]- مدخل علم اللغة، محمد عل الخولي – دار الفالح للنشر والتوزيع الأردن  2000م صــــ16.
[6]- على عبدا لواحد وافي  - علم اللغة – القاهرة دار الفقه مصر.ص44.
[7]- أحمد مختار عمر، علم الدلالة، الكويت، مكتبة دار العروبة.ص10.
[8]- عبد المجيد منصور – علم اللغة النفسي – الرياض – مطبعة جامعة الملك سعودص.22.
[9]- علم الدلالة . أحمد مختار عمر.ص74.
[10]- محمد محمد يونس علي، (علم اللغة )، صــــ46.
[11]- عبد العزيز عتيق – علم المعاني – دار النهضة العربية – بيروت لبنان – 1405هـ -1985م ص52-53.
[12]- ديوان المتبنى – شرح – ناصيف اليازجي  ط1 .تهذيب. د. إبراهيم ناصيف  اليازجي . ص170.
[13]- جمال الدين عبدالله بن يوسف بن هشام الأنصاري – مفتي البيب عن كتب الأعاريب– دار الفكر بيروت  - ط6 تحقيق . أ.د. مازن المبارك، ومحمد على حمدلله ج1 .ص525.
[14]- مدخل إلى علم اللغة .ص24.
[15]- شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، والمكتبة العصرية –إصدار بيروت – مراجعة وتصحيح الدكتور محمد أسعد النا دري – طبعة      مصححة للمكتبة العصرية عام 1428هـ - 2007م – ج1 صـ19
[16]- محمود حسني مغالسة - النحو الثاني في مؤسسة الرسالة ناشرون – سوريا وفق الطبعة الثالثة  1426 هـ - 2005 م صــ 13
[17]- عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1318 هـ - 1678 م صــ14
[18] - دلائل الإعجاز, ص16.
[19]- محمد عبد الله العبيدي، دلالة السياق في القصص القرآني، إصدار وزارة الثقافة والسياحة  - صنعاء 1425 هـ - 2004م صـ32
[20] - دلالة السياق في القصص القرآني, ص33.
[21]- شرج بن عقيل ج1 صــ45
[22]- النحو الواضح  صــ7.
[23]- النحو الواضح صــ 9.
[24]- دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، القاضي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول الأحمد فكري، دار الكتب العلمية، لبنان بيروت  1421هـ - 2000م ط1—ج2 – صــ157
[25]- د. محمد على الخولي – مدخل إلى علم اللغة – دار الفلاح للنشر والتوزيع –الأردن ط1 – 1993م صــ48
[26]- علي عبدالواحد وافي- علم اللغة – القاهرة – دار النهضة مصر .ص74.
[27]- مدخل إلى علم اللغة . صـــ46
[28]- نفس المصدر السابق صـــ47
[29]-سورة فصلت-آية 13.
[30]- السيرة النبوية ابن هشام – ج1 – صـــ 50
[31]-نعوم تشوسكي، مظاهر النطرية التحويلية صــ 40
[32]- أسرار البلاغة  صـــ51
[33]- أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، تحقيق وضبط  د. مفيد قميصه، دار الكتب العلمية بيروت  لبنان، ط2 – 1404هـ - 1984م ص14
[34]- عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، دار إحياء التراث بيروت، لبنان، الطبعة الأولى : 143هـ - 2009م ط1 – صــ30
[35]- المنصف في شرح كتاب التصريف للمازني، تحقيق إبراهيم مصطفى، وعبد الله أمين، القاهرة 1995م ص4
[36] شطر بيت في بداية قصيدة الحسن الأنباري ت 328هـ ,يرثي أبا طاهر بن بقية وزير عضد الدولة لما قتل وصلب وهي من أعظم المراثي ولم يسمع بمثلها في مصلوب.
[37]- أسرار البلاغة  صــــــ 225
[38]- أسرار البلاغة صــــ 17
[39]- أسرار البلاغة صــ 224
[40]- عناصر اللغة العربية وخصائصها، إصدار وزارة المعارف – المملكة العربية السعودية  صـــ 2
[41] القلائد من فرائد الفوائد , مصطفى السباعي , مؤسسة الرسالة –دمشق, الطبعة الثانية, 1995م, ص48.
[42]- البيت لابن المعتز، وهو من البحر الكامل، ديوان بن المعتز الجزء (1) صــ 43
[43]- أسرار البلاغة صــ 77
[44]- مصطفى أمين، وعلى الجارم، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، مكتبة الإرشاد، صنعاء ط1 1431هـ- 2010م صـ33
[45]-المصدر نفسه صـ 31

5 التعليقات:

بارك الله فيكم في إفادتنا بهذا البحث القيم

بحث قيم ومن المؤسف أن لانجده منشور في مجلة محكمة

إرسال تعليق